الشك وأنواعه
الشك وأنواعه
الشك هو حالة من عدم الإيمان، أو عدم التصديق. أو هو تأرجح للفكر بين حالتين: أيهما يصدق؟!
والشك هو جحيم للفكر وللقلب معًا.
قد يكون دخوله سهلًا. ولكن خروجه من الفكر صعب جدًا، وربما يترك أثرًا مخفيًا لا يثبت أن يظهر بعد حين!
والشك يجعل الإنسان يفقد سلامه ويفقد طمأنيته...
واذا استمر الشك ما أسهل أن يتحول إلى مرض وإلى عُقد لها نتائجها.
وهذا الشك قد يتلف الأعصاب، ويدعو إلى الحيرة وإلى كثرة التفكير، ويمنع النوم. وأحيانًا يكون من نتائجه التردد والخجل، وعدم القدرة على البتّ في الأمور..
هناك أنواع الشك:
منها الشك في الله ووجوده، والشك في بعض أمور الدين والعقيدة. والشك في إخلاص الأصدقاء، وفي الناس عمومًا. بل الشك في النفس أيضًا! والبعض قد يشك في الفضائل ولزومها، وفي إمكانية التوبة أو في قبولها. والشك في بعض طرق الحياة..
وسنحاول أن نتناول هذه النقاط واحدة فواحدة، ونبحث ما هو كنهها ومصادرها..؟
الشك في الله:
* كأن يشك الإنسان في وجود الله. والشك في وجود الله يُسمى (الإلحاد).
وهو دخيل على الإنسان، لأن الطفل الطبيعي يُولد مؤمنًا. بدليل أننا عندما نعلّم الطفل الصلاة، لا يسأل من هو الله الذي نصلى إليه؟ ولا كيف نخاطبه ونحن لا نراه. بل يقبل كل ذلك في هدوء وتسليم...
على أن الشك في وجود الله قد يكون حربًا من الشيطان في سن معينة. أو يكون سببه قراءة كتب تحوى أفكار الملحدين أو معاشرة هؤلاء والتأثر بهم. أو يكون السبب هو المناقشة في أمور هي أعلى من مستوى الشخص وتفكيره، أو قراءة بحوث منحرفة في الفلسفة أو في بعض العلوم أو في تاريخ الكون ونشأته. أو قد يثير هذا الفكر أشخاص يريدون الشهرة عن طريق مبدأ (خالف تُعرف)!!
* وربما لا يكون الشك هو في وجود الله، إنما في مدى معونته للبشر!!
قال بهذا اولئك الذي نادوا بأن الله هو في برج عاجى بعيدًا عن البشر لا يهمه ضيقاتهم واحتياجاتهم! فكيف يترك البعض يعيشون في فقر مدقع، بينما هناك أغنياء من أصحاب الملايين والقصور؟! وطبعًا هذا الفارق الإجتماعى والاقتصادى ليس سببه الله، إنما له أسباب اخرى، والرب يساعد الفقراء بطرق كثيرة.
وربما البعض يقع في مثل هذا الشك بصورة أقل، بسبب شعوره أن الله لم يستجب صلاته وهو في حالة ضيقة وتعب! فيشك في مدى معونة الله للبشر، ويشك في جدوى الصلاة..
* على أن الشك في الله، قد يكون مجرد غطاء للاستمرار في الخطية!!
وقع في ذلك الوجوديون الذين يرون وصايا الله عن البر وحياة العفة والنقاوة، إنما تعوق حريتهم في ممارسة خطاياهم! وكأن شعور الواحد منهم هو: "من الخير أن الله لا يوجد، لكي أوجد أنا"!! أي لكي يوجد حرًا في ممارساته بعيدًا عن وصايا الله!!
أما شك الإنسان في عقيدته، فيأتى نتيجة قراءات أو سماعات ضدها..
وعليه أن يأخذ كل ذلك بعقل وتدقيق. ولا يصدق كل ما يقرأ أو يسمع. بل يسأل الحكماء والعارفين، حتى يعطوه جوابًا عن كل ما دخل ذهنه من الشك...
شك الشخص في بعض أصدقائه أو أهل بيته:
* يأتى ذلك بسبب قلة المحبة أو قلة الثقة. فإن الإنسان اذا أحب شخصًا محبة حقيقية، فإنه يثق به، وبالتالى لا يشك...
ولكن قد يقول شخص "أنا أحب فلانًا من كل قلبى، ولكنى لست أضمن محبته هو!!". وهنا قد يشك في مدى إخلاصه، وبخاصة اذا وُجدت هناك أسباب تدعو إلى ذلك...
وعلاج ذلك هو العتاب، بجو من الصراحة ، وفي محبة ولياقة... وكذلك عدم التأثر بالسماعات والوشايات، وعدم تصديق كل ما يقال. فلا يجوز أن يحكم على أحد حكمًا سريعًا بدون الاستماع اليه...
* أما شك الشخص في زوجته، أو شّك الزوجة في رجلها: فعلاجه ثقة متبادلة بين الزوجين مبنيه علاقتهما الشخصية التي عمادها الحب العميق مع عدم إساءة الظن في أية حركة بريئة ليست وراءها نية سيئة.. مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
* هناك شك آخر في الناس كلهم سببه خطأ فردى وتطبيقه على الجميع!
مثل سقطة فرد في أسرة توجب الشك في كل الأسرة بينما يكون بعض أفرادها صالحين جدًا، بل يتمادى الشك حتى يشمل شعبًا بأكملة سبب أخطاء أفراد منه!
الشك في بعض الفضائل:
كأن يقول البعض ما فائدة الصوم؟ وهل الفضيلة الجسدية لها قيمة في ذاتها؟! أو أن يشك البعض في لزوم الصلاة! ويقولون ما فائدة الصلاة، مادام الله يهتم بنا دون أن نصلى؟!
أو قد يشك البعض في المبادئ والقيم، وفي ماهو الحلال؟ وماهو الحرام؟ أو يشك في بعض المخترعات الحديثة كالموسيقى والراديو والتليفزيون والسينما: وهل هي حرام أم حلال؟ أو في مسائل طبية مثل تحديد النسل!
الشك في النفس:
قد يشك الإنسان في ثقته بالنفس، وفي مدى قدراته وإمكانياته! وإحتمال نشك! كفشل طالب في قدرته على النجاح، وفي كفاية الوقت له! أو يشك شخص في تصرفاته: وهل هي سليمة أم خاطئة؟ وعن علاقته بالناس: وهل هو محبوب أم مكروه؟ أم لا يشعرون بوجوده؟!
الطفل قد يحدث له هذا. من أجل ذلك يحتاج إلى المديح والتشجيع لكي يكتسب ثقة بنفسه. أما التربية القاسية وكثرة اللوم والتوبيخ، فقد تسبب له عقدة الشك في النفس. حتى الكبار أيضًا يحتاجون إلى التشجيع وإلى كلمة طيبة، وإلى رفع روحهم المعنوية، وبخاصة لو كانوا في مرض أو في ضيقة أو في مشكلة، حتى لا يدركهم اليأس، وحتى لا يقول الواحد منهم: قد ضِعت!
والإنسان قد يشك في الطريق الذي يختاره في حياته، وما يناسبه وما يصلح له؟! وبخاصة في المراحل المصيرية في حياته، التي يدركه فيها التردد، ويكون الطريق غير واضح أمامه!
من مقالات متفرقة لقداسة البابا شنودة الثالث - نشرت في جريدة أخبار اليوم يوم السبت الموافق 23-09-2006
الشك هو حالة من عدم الإيمان، أو عدم التصديق. أو هو تأرجح للفكر بين حالتين: أيهما يصدق؟!
والشك هو جحيم للفكر وللقلب معًا.
قد يكون دخوله سهلًا. ولكن خروجه من الفكر صعب جدًا، وربما يترك أثرًا مخفيًا لا يثبت أن يظهر بعد حين!
والشك يجعل الإنسان يفقد سلامه ويفقد طمأنيته...
واذا استمر الشك ما أسهل أن يتحول إلى مرض وإلى عُقد لها نتائجها.
وهذا الشك قد يتلف الأعصاب، ويدعو إلى الحيرة وإلى كثرة التفكير، ويمنع النوم. وأحيانًا يكون من نتائجه التردد والخجل، وعدم القدرة على البتّ في الأمور..
هناك أنواع الشك:
منها الشك في الله ووجوده، والشك في بعض أمور الدين والعقيدة. والشك في إخلاص الأصدقاء، وفي الناس عمومًا. بل الشك في النفس أيضًا! والبعض قد يشك في الفضائل ولزومها، وفي إمكانية التوبة أو في قبولها. والشك في بعض طرق الحياة..
وسنحاول أن نتناول هذه النقاط واحدة فواحدة، ونبحث ما هو كنهها ومصادرها..؟
الشك في الله:
* كأن يشك الإنسان في وجود الله. والشك في وجود الله يُسمى (الإلحاد).
وهو دخيل على الإنسان، لأن الطفل الطبيعي يُولد مؤمنًا. بدليل أننا عندما نعلّم الطفل الصلاة، لا يسأل من هو الله الذي نصلى إليه؟ ولا كيف نخاطبه ونحن لا نراه. بل يقبل كل ذلك في هدوء وتسليم...
على أن الشك في وجود الله قد يكون حربًا من الشيطان في سن معينة. أو يكون سببه قراءة كتب تحوى أفكار الملحدين أو معاشرة هؤلاء والتأثر بهم. أو يكون السبب هو المناقشة في أمور هي أعلى من مستوى الشخص وتفكيره، أو قراءة بحوث منحرفة في الفلسفة أو في بعض العلوم أو في تاريخ الكون ونشأته. أو قد يثير هذا الفكر أشخاص يريدون الشهرة عن طريق مبدأ (خالف تُعرف)!!
* وربما لا يكون الشك هو في وجود الله، إنما في مدى معونته للبشر!!
قال بهذا اولئك الذي نادوا بأن الله هو في برج عاجى بعيدًا عن البشر لا يهمه ضيقاتهم واحتياجاتهم! فكيف يترك البعض يعيشون في فقر مدقع، بينما هناك أغنياء من أصحاب الملايين والقصور؟! وطبعًا هذا الفارق الإجتماعى والاقتصادى ليس سببه الله، إنما له أسباب اخرى، والرب يساعد الفقراء بطرق كثيرة.
وربما البعض يقع في مثل هذا الشك بصورة أقل، بسبب شعوره أن الله لم يستجب صلاته وهو في حالة ضيقة وتعب! فيشك في مدى معونة الله للبشر، ويشك في جدوى الصلاة..
* على أن الشك في الله، قد يكون مجرد غطاء للاستمرار في الخطية!!
وقع في ذلك الوجوديون الذين يرون وصايا الله عن البر وحياة العفة والنقاوة، إنما تعوق حريتهم في ممارسة خطاياهم! وكأن شعور الواحد منهم هو: "من الخير أن الله لا يوجد، لكي أوجد أنا"!! أي لكي يوجد حرًا في ممارساته بعيدًا عن وصايا الله!!
أما شك الإنسان في عقيدته، فيأتى نتيجة قراءات أو سماعات ضدها..
وعليه أن يأخذ كل ذلك بعقل وتدقيق. ولا يصدق كل ما يقرأ أو يسمع. بل يسأل الحكماء والعارفين، حتى يعطوه جوابًا عن كل ما دخل ذهنه من الشك...
شك الشخص في بعض أصدقائه أو أهل بيته:
* يأتى ذلك بسبب قلة المحبة أو قلة الثقة. فإن الإنسان اذا أحب شخصًا محبة حقيقية، فإنه يثق به، وبالتالى لا يشك...
ولكن قد يقول شخص "أنا أحب فلانًا من كل قلبى، ولكنى لست أضمن محبته هو!!". وهنا قد يشك في مدى إخلاصه، وبخاصة اذا وُجدت هناك أسباب تدعو إلى ذلك...
وعلاج ذلك هو العتاب، بجو من الصراحة ، وفي محبة ولياقة... وكذلك عدم التأثر بالسماعات والوشايات، وعدم تصديق كل ما يقال. فلا يجوز أن يحكم على أحد حكمًا سريعًا بدون الاستماع اليه...
* أما شك الشخص في زوجته، أو شّك الزوجة في رجلها: فعلاجه ثقة متبادلة بين الزوجين مبنيه علاقتهما الشخصية التي عمادها الحب العميق مع عدم إساءة الظن في أية حركة بريئة ليست وراءها نية سيئة.. مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
* هناك شك آخر في الناس كلهم سببه خطأ فردى وتطبيقه على الجميع!
مثل سقطة فرد في أسرة توجب الشك في كل الأسرة بينما يكون بعض أفرادها صالحين جدًا، بل يتمادى الشك حتى يشمل شعبًا بأكملة سبب أخطاء أفراد منه!
الشك في بعض الفضائل:
كأن يقول البعض ما فائدة الصوم؟ وهل الفضيلة الجسدية لها قيمة في ذاتها؟! أو أن يشك البعض في لزوم الصلاة! ويقولون ما فائدة الصلاة، مادام الله يهتم بنا دون أن نصلى؟!
أو قد يشك البعض في المبادئ والقيم، وفي ماهو الحلال؟ وماهو الحرام؟ أو يشك في بعض المخترعات الحديثة كالموسيقى والراديو والتليفزيون والسينما: وهل هي حرام أم حلال؟ أو في مسائل طبية مثل تحديد النسل!
الشك في النفس:
قد يشك الإنسان في ثقته بالنفس، وفي مدى قدراته وإمكانياته! وإحتمال نشك! كفشل طالب في قدرته على النجاح، وفي كفاية الوقت له! أو يشك شخص في تصرفاته: وهل هي سليمة أم خاطئة؟ وعن علاقته بالناس: وهل هو محبوب أم مكروه؟ أم لا يشعرون بوجوده؟!
الطفل قد يحدث له هذا. من أجل ذلك يحتاج إلى المديح والتشجيع لكي يكتسب ثقة بنفسه. أما التربية القاسية وكثرة اللوم والتوبيخ، فقد تسبب له عقدة الشك في النفس. حتى الكبار أيضًا يحتاجون إلى التشجيع وإلى كلمة طيبة، وإلى رفع روحهم المعنوية، وبخاصة لو كانوا في مرض أو في ضيقة أو في مشكلة، حتى لا يدركهم اليأس، وحتى لا يقول الواحد منهم: قد ضِعت!
والإنسان قد يشك في الطريق الذي يختاره في حياته، وما يناسبه وما يصلح له؟! وبخاصة في المراحل المصيرية في حياته، التي يدركه فيها التردد، ويكون الطريق غير واضح أمامه!
من مقالات متفرقة لقداسة البابا شنودة الثالث - نشرت في جريدة أخبار اليوم يوم السبت الموافق 23-09-2006
0 التعليقات: